فقوله:{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} أي: ما سحر هذا الضرب من السحر، فلا يلزم من ذلك أن كلَّ سحرٍ كُفْرٌ. وأما كفر الشياطين بتعليمهم فلأنهم يعلِّمون الناس ذلك الضرب من السحر الذي هو كفر، راغبين في أن يعمل الناس به مُرغِّبين لهم في العمل به. ويشهد لذلك أن الملَكين يُعَلِّمان ولكنهما لا يرضيان بالعمل؛ فلذلك لم يكن التعليم في حقهما كفرًا. وأما قول الملكين:{إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} فالمعنى: لا تعمل به فتكفر. وأما قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} فاشتراؤه هو العمل به، والله أعلم.
ولنذكر بعض الطرق التي يُتوصَّل بها إلى السحر.
[٦٩٦] طرق تحصيل قوة السحر
(١) أشهر الطرق بين الحكماء هي رياضة النفس بالجوع والسهر والخلوة والتفرغ عن الشواغل، وحصر الفكر في شيء محصور, وألَّا يأكل روحًا ولا ما خرج من روح، ويمسك عن الجماع، ويَجمع همته ويرتب تَنَفُّسَه على نظام معروف عندهم ونحو ذلك، فمن واظب على هذه الأمور وكان في نفسه استعداد اكتسبت نفسه قوة غريبة هي السحر.
ويزعمون أنَّ مما يعين على حصول تلك القوة أن يكون المرتاض بريئًا من الحسد والبغضاء والطمع، يحب نفع المخلوقات كلها وخاصة الحيوان، وليس من شرطها دين مخصوص؛ لكن يرون أنَّ مما يساعد على حصول تلك القوة أن يجتهد المرتاض فيما يعتقد أنه عبادة سواء أكان لله عزَّ وجلَّ أم لغيره.