للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه متوجِّهٌ إلى ذلك فقط، والله أعلم.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ حديث عبادة وحديث ابن أكيمة عن أبي هريرة كلاهما حكاية عن قصة واحدة؛ لأنَّ في كل منهما أنَّ الصلاة كانت صلاة الصبح، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سألهم عن القراءة معه، وأنَّ بعضهم أجاب بنعم، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: "وأنا أقول مالي أنازع القرآن".

وزاد عبادة قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "فلا تفعلوا إلَاّ بأمِّ القرآن؛ فإنه لا صلاة إلَاّ بها". وكأنَّ أبا هريرة كان بعيدًا فلم يسمع هذه الكلمة إلَاّ أنه قد علم بها؛ فساق الحديث سياقًا يفهم منه النهي عن غيرها دونها، بمعونة الأدلة الأخرى، وبما عُرِفَ من مذهبه.

وهذا محتمل، ولكن يبعده اختلاف السؤال والجواب. فالذي يظهر أنهما واقعتان، وقد علمت أنَّ حديث ابن أكيمة موافقٌ لحديث عبادة وغيره من الأدلة الثابتة بلا نسخ ولا تخصيص ولا خروج عن الظاهر بغير حجة، والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات.

[ص ٧٤] وأما حديث أبي إسحاق السبيعي (١) عن الأرقم بن شرحبيل عن ابن عباس في صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في مرض موته= فالسبيعي على جلالته مشهورٌ بالتدليس؛ وصفه بذلك شعبة وابن المديني وأبوجعفر الطبري وحسين الكرابيسي وابن حبان وغيرهم. قال ابن المديني في "العلل" (٢): قال شعبة: سمعت أبا إسحاق يحدِّث عن الحارث بن الأزمع بحديث؛


(١) سبق تخريجه (ص ٧٧)، ومن هنا يبدأ الكلام عليه عند المؤلف.
(٢) انظر "تهذيب التهذيب" (٨/ ٦٦).