ومما يستغرب أن المؤلف رحمه الله تعالى بدأ هذه الرسالة بقوله:"قوله تعالى: (الواقعة ما الواقعة)، {الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ}، {الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ}، ونحوها ... ".
فجعل (الواقعة ما الواقعة) آية من القرآن الكريم، وأدار الكلام كلّه عليها، ولم يخطر بباله ولا بال سيّده أنها ليست بآية، فاستمر النقاش بينهما في إعرابها، إلى أن قيّد الشيخ الحوار، وهو يوردها مرة بعد أخرى على أنها من قول الله عز وجل. ولا ريب أن ذلك من أمثلة الذهول الشديد الذي يعتري البشر الذين من طبيعتهم النقص والسهو، والكمال لله وحده.
[(١٤) رسالة في تفسير آيات خلق الأرض والسماوات]
هذه الرسالة مما عُثِر عليه أخيرًا، وصُوِّرت في ٢٤/ ٥/١٤٣٣ برقم ٤٩٢٥. وهي في ثلاث ورقات، وفي كلِّ صفحة نحو ١٨ سطرًا. وقد كتب المؤلف فيها أولًا الآيات التي قصد تفسيرها من سورة البقرة وسورة فصلت وسورة النازعات بحروف كبيرة، وترك بعدها أو بعد جزء منها بياضًا بقدر سطر أو أقل أو أكثر. فلمَّا أخذ في تفسيرها وضاق الفراغ المقدَّر لها ذهب يكتب يمينًا وشمالًا وأعلى الصفحة وأسفلها، فملأت الكتابة كلَّ جوانب الصفحة.
موضوع هذه الرسالة حلُّ إشكال قوله تعالى في سورة النازعات: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [٢٧ - ٣٠] مع قوله تعالى في سورة البقرة: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ