للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للقبر، كإيقاد السُّرُج عليه تعظيمًا له وتبرّكًا به والطواف به كذلك. وهو أَخْذٌ غير بعيد، سيّما وقد صرَّح في بعضُ الأحاديث المذكورة بلعن من اتخذ على القبر سراجًا، فيُحمل قولُ الأصحاب بكراهة ذلك على ما إذا لم يقصد به تعظيمًا وتبركًا بذي القبر. ا? (١).

أقول: قوله: «وقع في كلام ... » إلخ. هو الذي لا ينبغي غيرُه، فإنّهم عرَّفوا الكبيرةَ بأنها: ما ورد فيه وعيد شديد بنصِّ كتابٍ أو سنة. وهذا التعريف صادقٌ على الأشياء المذكورة كما لا يخفى.

وقوله: «واتخاذ القبر مسجدًا معناه الصلاة عليه أو إليه ... » إلخ. فيه نظر، نعم، الصلاة إليه قد ثبت النهيُ عنها بما في «صحيح مسلم» (٢) عن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلُّوا إليها». والصلاة عليه أشدّ فهي مفهومة بالأَولى.

وأما أحاديث النهي عن اتخاذها مساجد، فهي وإن لزم منها بطريق الأولى النهي عن الصلاة على القبور وإليها، فليس ذلك [هو معناها] المطابقي، [وإنما معناها] المطابقي [هو النهي] (٣) عن اتخاذ المساجد عليها؛ لأن المساجد صارت حقيقةً شرعية في ما يُبنى ليكون مصلّى. والظاهر أنه ليس المراد أن اليهود والنصارى كانوا يبنون المساجدَ على نفس القبر، بل المراد أنهم يبنون بناءً يشتمل على القبر. ويبين هذا حديث «الصحيحين» (٤)


(١) هنا انتهى كلام الآلوسي في «روح المعاني».
(٢) (٩٧٢).
(٣) خرم في طرف الورقة أتى على عدة كلمات قدّرناها بما هو مثبت بين المعكوفات.
(٤) البخاري (١٣٤١)، ومسلم (٥٢٨).