للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فيكونون حينئذٍ مقيمين للتوراة والإنجيل حقًّا؛ لإيمانهم بالمنزَّل فيهما، وجحدهم ما لم ينزَّل فيهما، وهذه هي إقامتهما حقًّا.

وأمَّا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} [النساء: ٤٧] فنعم، هذا عمومٌ قام البرهان أنَّه مخصوصٌ، وأنَّه تعالى إنَّما أراد مصدِّقًا لما معكم من الحقِّ، لا يمكن غير هذا؛ لأنَّنا بالضَّرورة ندري أنَّ معهم حقًّا وباطلًا، ولا يجوز تصديق الباطل ألبتَّة، فصحَّ أنَّه إنَّما أنزله تعالى مصدِّقًا لما معهم من الحق، وقد قلنا إنَّ الله تعالى أبقى في التوراة والإنجيل حقًّا؛ ليكون حُجَّةً عليهم وزائدًا في خزيهم. وبالله تعالى التوفيق. فبطل تعلُّقهم بشيءٍ ممَّا ذكرنا، والحمد لله رب العالمين" (١).

[ص ٣٧] الحمد لله، [نُسَخ] التوراة:

أولًا للسامرة توراة، ولسائر اليهود توراة، [وكلتا] الطائفتين تزعم أنَّ توراتها الصادقة، والأخرى مبدَّلة. ثم توراة اليهود نسختان، نسخة عزرا، ونسخة السبعين شيخًا، وهما متناقضتان، واليهود يؤمنون بكلتيهما!

يقول عن الله تعالى: اصنع بناء آدم كصورتنا يشبهنا! ولمَّا أكل آدم من الشجرة قال الله: هذا آدم قد صار كواحد منَّا في معرفة الخير والشر!

[ويقول عن المسيح عليه السلام مرَّة إنَّه] إله، ومرَّةً هو الله، ومرَّةً ابن الله، ومرَّةً هو وأصحابه أبناء الله، وتارةً أرواح الله، ومرَّةً ابن يوسف النجَّار، وابن داود، وابن الإنسان!


(١) "الفِصَل" (١/ ٣١٣ - ٣١٧).