للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خاطرة في قول الشاعر:] يلومونني في حب ليلى عواذلي ... ولكنني من حبها لعميد (١)

خطر في ذهني عند الدرس تخريج لقوله: «لكنني» بقولي: يمكن أن يكون أصله «لكنْ» مُخَفَّفَةُ النون، وبعدها «إنني» فنُقلت حركة الهمزة إلى نون «لكن» فصار «لاكنِنَّي» بلام فألف فكاف فنون مكسورة ــ وهي نون لكن ــ فنونٍ مشدَّدةٍ مفتوحة ــ وهي نونُ إنَّ ــ ونونٍ مكسورةٍ ــ هي نونُ الوقاية ــ فياءٍ ــ هو ضمير المتكلم ــ فاستثقل اجتماع أربع نونات فحذفت الأولى تخفيفًا، فصار كهيئتِه.

وقد ورد حذف نونِ «لكن» في غير هذا فلا تستبعدْ، قال النجاشي (٢):


(١) قال العيني في المقاصد النحوية (٢/ ٢٤٧): «ذكر المتأخرون من النحاة أن قائل هذا لا يعرف، ولا يحفظ له تتمة، وهو شطر من الطويل».
والمقصود بهذا عجز البيت؛ لأن صدره لم يذكره أحدٌ حسبما وقفت عليه سوى ابن الناظم في شرح الألفية (ص ١٧٢)، وابن عقيل في شرحه كذلك على أن صدره فيه شذوذ، وقد روى العجز الفراء في معانيه (١/ ٤٦٥) بلفظ «ولكنني من حبها لكميد»، وعنه الجوهري في الصحاح (٦/ ٢١٩٧)، والكميد: وصفٌ من الكمد، وهو الحزن، والعميد: الذي هدَّه العشق.
انظر: الإنصاف (١/ ٢٠٩)، وإعراب القرآن للنحاس (٢/ ٢٥٦)، وشرحي الكافية والتسهيل لابن مالك، والارتشاف (٥/ ٢٣٩٧)، والخزانة (١٠/ ٣٦١)، وشرح أبيات المغني (٤/ ٣٥٦) للبغدادي، والدرر اللوامع (٢/ ١٨٥).
(٢) قيس بن عمرو بن مالك من بني الحارث بن كعب، يكنى أبا الحارث، كان في عسكر علي رضي الله عنه بصفين، ووفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان رقيق الدين، يقال: إنه مات بلحج في اليمن.
انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة (١/ ٣٢٩)، والإصابة (٦/ ٣٨٧)، وخزانة الأدب (١٠/ ٤٢٠).