المتعمّقون يردُّون كثيرًا من نصوص الكتاب والسنة في العقائد. فمنهم من ردَّها مع تصريحه بأن كثيرًا منها لا يَحمِلُ إلا المعاني التي يزعم أنها باطلة، ويزعم أن الشرع إنما أتى بها مجاراةً لعقول الجمهور ليمكن انقيادهم للشرع العملي.
ومنهم من زعم أنها غير صالحة للحجة في العقائد مطلقًا، زاعمًا أن ظهورَها في معنى اعتقادي، أو صراحتَها فيه، أو مبالغَتها في تأكيده= كلُّ ذلك لا يمكن أن يُعلم به أن ذاك المعنى هو مراد المتكلم، لدلالة النظر العقلي المتعمَّق فيه أو الكشف التصوفي على بطلان كثير من تلك المعاني في زعمه، واحتمال مثل ذلك في الباقي.
ومنهم من لم يصرِّح بما مضى، ولكنه قدَّم غيرَها عليها، وتعسَّف في تأويلها تعسُّفًا مُخرِجًا عن قانون الكلام، أو اقتصر ــ مع زعمه أن المعاني المفهومة منها باطلة ــ على زعم أن لها معاني أخرى صحيحة لا حاجة إلى معرفتها.
فتحصَّل من كلامهم حملُهم لتلك النصوص على الكذب. أما القول الأول فواضح، وأما الثاني فقريب منه كما يأتي، وأما الثالث فيلزمه ذلك.