للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك دلالته على بطلان القدوة والصلاة أو إحداهما عند المخالفة غير سالم؛ لاتفاقهم على أن من المخالفة في بعض ما نصّ عليه في التفصيل ما لا يبطل الصلاة ولا القدوة، ولو لم يكن للمخالف عذر.

[ق ٢٦] فصل

مما يُستدل به لصحة اقتداء المفترض بالمتنفِّل: قصةُ عمرو بن سَلِمة الجَرْمي أنه كان يؤمُّ قومَه في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو ابن ست أو سبع سنين. أخرجه البخاري في «الصحيح» (١) في المغازي آخر الأبواب المتعلقة بفتح مكة، وفي «سنن» أبي داود (٢) ما يدلُّ أنه استمرَّ على ذلك، فإن فيها عن عمرو أنه قال: «فما شهدتُ مجمعًا من جَرْمٍ إلا كنتُ إمامَهم».

وقد أجيب عن هذا بأنه لم يُنقل أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علم بذلك.

ورُدَّ بأن ذلك كان في زمن نزول الوحي، وقد قال جابر: «كنا نَعزِل والقرآن ينزل» (٣). وقد تقدم تقرير ذلك في الكلام على قصة معاذ.

أقول: في قصته أنه كان قبل إسلام قومه يمرُّ بهم الركبان، فيسمع منهم القرآن فيحفظه، فحفظ قرآنًا كثيرًا، ولما وفد قومه، ثم أرادوا أن ينصرفوا، قالوا: يا رسول الله! فمن يؤمُّنا، قال: «أكثركم جمعًا للقرآن، أو أخذًا للقرآن». قال: فلم يكن [أحدٌ] من القوم جمَعَ ما جمعتُ، فقدَّموني. هكذا


(١) رقم (٤٣٠٢).
(٢) رقم (٥٨٧).
(٣) سبق تخريجه.