للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما هي في الصفة الظاهرة، فأما الباطن فأصل مقصود الشارع من الباطن الإخلاصُ والخضوع وصدق التوجه إلى الرب سبحانه، وكلّ مصلٍّ مأمورٌ بذلك، فإذا اتفقوا فيه فقد اتفقوا في كل شيء من مقصود الباطن.

هذا، وإذا دقَّ عليك فهمُ بعض ما تقدم، فيكفيك أن تعلم أن غاية ما في قوله: «إنما جُعِل الإمام ليؤتم به» وقوله: «فلا تختلفوا عليه» أن يكون ظاهر اللفظ يتناول الموافقة في نية الصلاة فرضًا ونفلًا.

ويجاب عنه: بأن هذا العموم ــ على تسليمه ــ مخصَّص بأدلة الجواز، وقد تقدَّم عن ابن حبان والبخاري ما يقتضي أن بعض أدلة الجواز متأخرة حتمًا عن هذا الحديث.

وما ذكره العثماني من أنَّ الظاهر التأخرُ، لا يصادم النقل.

فإن سُلِّم الجهل بالتاريخ، أو تأخَّر هذا الحديث عن أدلة الجواز، فالصحيح في الأصول: العمل بالتخصيص أيضًا، وقد تأكّد ذلك بأنه في التفصيل اقتصر على الأعمال الظاهرة، مع أن المتابعة فيها كانت معلومة عندهم، فلو أريد نسخُ جواز ائتمام المفترض بالمتنفل لكان النصّ عليه في التفصيل أولى وأحرى.

وأيضًا، فهذا العموم ــ على تسليمه ــ قد خُصَّ عند جماعة منهم أبو يوسف وأبو حنيفة والشافعي، قالوا: إذا صلى الإمام جالسًا لم يجب الجلوس على المأموم، بل يجب عليه القيام في الفرض.

بل خُصَّ بالنظر إلى اختلاف النية اتفاقًا، فأجازوا ائتمام المتنفل بالمفترض.