نصٌّ آخر، وهكذا. فمن لم يستقرئ النصوص ويتدبرها، فإنه عندما يقف على ما هو في نفس الأمر منسوخ ولم يعلم ذلك، يكون [٢/ ٣٣٧] محتملًا في حقه أن يكون حكمه باقيًا، وأن يكون منسوخًا. وقِسْ على هذا حال الباقي، فثبت التشابه.
وأما ما لا سبيل إلى علم تأويله، أو قل: كُنهه وكيفيته، كاليدين في قوله تعالى:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فإنه لا يبقى إلا التخرُّص، ولا حدَّ له، فقد يتخرص الإنسان وجهين أو أكثر، ومعلوم أنه لا يتبين واحد من ذلك بيانًا واضحًا، فثبت التشابه.
وكلا القولين يمكن تطبيقه على السياق.
أما القول الأول فأهل الزيغ يتبعون المنسوخ والمجمل، فتارةً يعيبون القرآن بالتناقض ــ زعموا ــ وبعدم البيان. وتارةً يتشبثون بذلك لتقوية أهوائهم كما فعل النصارى، إذ تشبثوا بما في القرآن من إطلاق الكلمة والروح على عيسى، وكما فعل المشركون عندما سمعوا قوله تعالى:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء: ٩٨]. وتارةً يبتغون تأويله مع عدم تأهلهم لذلك وعدم رجوعهم إلى الراسخين، كما فعل الخوارج في قوله تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[الأنعام: ٥٧] وقوله: {لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}[يس: ٦٠]، ونحو ذلك.
وأما القول الثاني فأهل الزيغ يتبعون تلك النصوص، تارةً ابتغاءَ الفتنة، بأن يعيبوا القرآن والإسلام بزعم أنه جاء بالباطل، فيزعمون أن لفظ {بِيَدَيَّ} معناه أن لله سبحانه يدين مماثلتين ليدي الإنسان يجوز عليهما ما يجوز على