للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٦١)

[ل ٤٨] الحمدُ لله المنعِمِ بالخيرات، المُفيضِ لعظيم البركات. أحمدُه على نِعَمٍ لا تُعَدُّ، وأشكرُه على تفضُّلات لا تُحَدُّ. وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ سيِّدنا محمدًا عبدُه ونبيُّه، بالهدى ودين الحق أرسَلَه؛ فبلَّغ ما أمره به، وأوضَحَ الكتابَ والشرعَ الذي عليه أنزَلَه. اللهمَّ فصلِّ وسلِّم على هذا النبي الكريم: سيِّدنا محمدٍ، وعلى آله أهلِ المنزلة والولاية، وعلى أصحابه أهل الإعانة والعناية.

أما بعدُ، فأوصيكم ــ عبادَ الله ــ ونفسي بتقوى الله، فاتَّقُوا الله في السرِّ والعلانية، وآثِروا الدارَ الباقية على الدار الفانية. واعلموا أنَّ الأجلَ قريب، والعملَ يسير، والعمرَ قصير، والناقدَ بصير، والعذابَ شديد، والنعيمَ لذيذ. فاجتهِدُوا في طاعة الله، ودَعُوا عصيانَه، ليمنحكم رضوانَه، ويرزقكم غفرانَه، ويُدخلِكم جِنانَه، ويؤمنَكم نيرانَه.

واتقوا الله في جميع أحوالكم، وراقِبوه في جميع أعمالكم، وأخلِصوا له في جميع أقوالكم وأفعالكم، وتسابقوا بالطاعات هجوم آجالكم، واقطَعوا بذكر الموت حبالَ آمالكم، واغتنِموا بقية أعماركم؛ فإنَّ الدنيا قليل، ومحبَّها عليل، وصاحبهَا ذليل، لا يُشفَى بها غليل، ولا يُنال بها جليل، ولا يدوم بها خليل.

واعلموا أنَّ الله تعالى أمرنا بأمر عظيم حكاه عنه وعن ملائكته، ثم أمَرَنا به تعظيمًا لخاتم رسالته، وتحضيضًا على اتباع سنته، وتكثيرًا لأنواع طاعته، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا