الحمد لله الذي أكرمنا بالهداية، ولاحظَنا بالرّعاية، وحَفَّنا باللطف والعناية، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الهادي من الغَواية، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أنزل عليه الكتاب فأوضح آيه، صلّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أهلِ الفضل والدِّراية.
أمّا بعدُ، فإنّي لمّا رأيتُ العِلْمَ قد خبا زِنادُه، وكَبا جَواده، بل كان قد أصبح نَسْيًا منسيًّا، وعَدّ الناسُ من بقيَ من حَمَلتِه مرتكبين شيئًا فريًّا، لولا قيامُ مولانا أمير المؤمنين لتجديده، واجتهاده في بنائه وتشييده. وكنتُ ممَّن تشبّه بأهله، ولبِسَ العِمامةَ مع جهله، أزعجني ما حَدَث في بيع الأحرار، وما يعاملُهم به القضاة من عدم سماع دعوى المبيع ولا شهادةِ الحسبة مؤاخذةً بظاهر الإقرار؛ فرأيتُ القيام بهذه المهمّة عملًا بالظاهر من كوني ممّن يُعتَدُّ به في هذا المجال، وإن كنتُ في الحقيقةِ من جملة الجُهَّال.
فأولًا: لا يخفى عِظَمُ خَطَر الحريّة، قال الله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١١ ــ ١٣] إلى غير ذلك من الآيات، بحيث جَعَله كفَّارةً لأكبر الكبائر وهو القتل، وكفَّارةً للظهار، وكفَّارةً للجماع في رمضان إلى غير ذلك.
وقد قرنَها الله تعالى بالإيمان، قال تعالى:{لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: ٣٧]، أي: أنعم الله عليه بالهداية إلى الإسلام، وأنعمتَ عليه بالفكِّ من رِبْقةِ الرقِّ.