قومًا من الأعاجم يسجدون لمرزبان لهم فرأى أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أحق بأن يُسْجَدَ له؛ فإنَّ السجود للمخلوق إنما ينافي معنى:(لا إله إلا الله) إذا لم يأذن به الله، وقيسٌ لم يسجد، وإنما سأل النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ولو أذن له لدلَّ ذلك على الإذن من الله عزَّ وجلَّ، وكذا يقال فيما جاء من الأحاديث في معنى حديث قيسٍ. وقد قال ابن القيم في النونية (١):
تالله لو يرضى النبي سجودنا ... كنا نخر له على الأذقان
وكذلك يُعْذَرُ مَنْ اشتبه عليه معنى: لا إله إلا الله، بعد القرون الأولى, فظنَّ معناها قاصرًا على نفي وجوب الوجود عن غير الله تعالى, حتى تقوم عليه الحجة، أو يَبْلُغَهُ أنَّ بعض العلماء يُفَسِّرُها على غير ما فهمه، وربما يُعْذَرُ وإن بلغه ذلك إذا رأى علماء جهته يقولون: إنَّه لم يخالف في هذا إلا فلان، وهو جاهل ضالٌّ مبتدع كافر مخالف لإجماع الأمة، ونحو ذلك.
فأما إذا اختلف الناس عليه وبلغه أنَّ ذلك المخالف يوافقه جماعة من العلماء والعقلاء ويحتجُّ بكتاب الله وسنة رسوله فإنه لا يُعذر فيما يظهر. ومما يَدُلُّ على هذا قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ