للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التابعين، وأدى التابعون بعضهم إلى بعض، وإلى أتباعهم، وهكذا.

وصار في وسع المتأخّر أن يعرف ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتلقي ممن قبله، إلا أن المنقول اختلط فيه الحق بالباطل، والصحيح بالسقيم، فلم يكن بُدٌّ للعلماء من تمييز ذلك.

وقد أرشد الكتاب والسنة إلى طريق التمييز، وتلقّى الأئمةُ ذلك فشرحوه، وعملوا به، كلٌّ بقدر وُسْعه.

وملخص ذلك: أن المحتجّ به من الأخبار ثلاثة:

الأول: المقطوع بصحته، كالمتواتر.

الثاني: ما جمع ثلاث شرائط: أن يكون راويه عدلًا ضابطًا، وأن يكون متصلًا، وأن لا يكون شاذًّا ولا معللًا.

الثالث: ما قصر عن هذه الدرجة إذا وُجِد ما يعضده، بحيث يحصل بالمجموع ظنّ قويّ، كالحاصل بخبر من اجتمعت فيه الشرائط.

[ص ٢٨] ومعرفة أحوال الرواة في العدالة والضبط مفتقرٌ إليها في الأضْرُب الثلاثة، أما في الثاني والثالث فواضح، وأما في المقطوع به فلأن معظم الموجود منه في الأحاديث هو ما يفيد القطع بمعونة القرائن، والعدالةُ والضبط من أعظم القرائن.

وكما يفتقر إلى معرفة ثبوت العدالة والضبط أو انتفائهما، أو أحدهما، فإنه يفتقر إلى معرفة درجة الراوي في ذلك.

أما في الضرب الأول: فلأن العدالة التامة والضبط التام أقوى مما