ــ مثلًا ــ قال: هل جميع الأحاديث التي في الكتاب المذكور صحيحة؟ فهل هؤلاء أعلم من شيوخ الدين في مصر؟
ثم ذكر حديث:"مَنْ كَذَب عليّ ... " إلخ، وقضايا أخرى ذَكَر أنها انكشفت له، أجْمَلَ القولَ فيها هنا على أن يُفصِّلها بعد، فأخَّرتُ النظر فيها إلى موضع تفصيلها.
ثم قال ص ١٣:(لما انكشف لي ذلك كله وغيره مما يحمله كتابنا، وبدت لي حياة الحديث المحمدي في صورة واضحة جليّة تتراءى في مرآة مصقولة، أصبحتُ على بيِّنة مِن أمر ما نُسب إلى الرسول من أحاديث، آخذُ ما آخذُ منه ونفسي راضية، وأدعُ ما أدعُ وقلبي مطمئن، ولا عليَّ في هذا أو ذلك حَرَج أو جُناح).
أقول: أمَّا أنه بعد اطّلاعه على ما نقله في كتابه هذا صار عارفًا بتاريخ الحديث النبوي إجمالًا فهذا قريب؛ لولا أن هناك قضايا عظيمة يصوِّرها في كتابه هذا على نقيض حقيقتها، كما سنقيم عليه الحجة الواضحة إن شاء الله تعالى.
وأمَّا أنه أصبح على بيِّنة ... إلى آخر ما قال، فهذه دعوى تحتمل تفسيرين:
الأول: أنه أصبح يعرف بنظرة واحدة إلى الحديث من الأحاديث حقيقة حاله من الصحة قطعًا أو ظنًّا [ص ٦] أو احتمالًا أو البطلان كذلك.
الثاني: أنه ساء ظنُّه بالحديث النبوي ــ إن لم يكن بالدين كله ــ فصار لا يراه إلا أداةً يستغلّها الناس لأهوائهم، فأصبح يأخذ منه ما يوافق هواه، ويردُّ ما يخالف هواه، بدون اعتبار لما في نفس الأمر مِنْ صحَّة أو بُطلان.