سيدي العلَّامة الهمام علم الإسلام السيد صالح بن محسن الصيلمي حرسه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأرفع إليك مقالة محب صادق ومصادق غير ماذق، فاعْلم غير معلم: أن الأولى في خطبة الجمعة قصرها ما أمكن اتباعًا للسنة ورفقًا بالمأمومين. فإن فيهم من يشق عليه القعود في مقام واحد مع ازدحام الناس، وعذرُه واضح، فإننا نرى كثيرًا في الجمع تكاد تضطرهم الحاجة إلى الخروج. كيف ومولانا ــ أيَّده الله تعالى ــ وأولادُ عمِّه وأعوانُه كلُّهم تنالهم المشقة لإضرار الحرِّ مع الازدحام بهم. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أفتَّانٌ يا معاذ؟! " ولم يُرَ أشدَّ غضبًا منه حينئذ.
فقصِّروا الخطبةَ، ولتبلغ الأولى قدر سورة الفجر، والأخرى أقصر. وإليكم خطبةً من خُطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خطب بها ورؤوس العرب حاضرون، وفيهم المؤمن الموقن، والشاك المرتاب، والمنافق والمشرك، وليس معه من يشق عليه البقاء في المسجد لتأذِّي جسم أو نحوه إلا النادر، إذ لم يكن لهم غالبًا أعمال تشغلهم غير العبادات، فكيف اليوم؟
قال الجاحظ (١) رحمه الله، قال: "خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشر كلماتٍ، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: