من شيطانٍ آخر كما مرَّ في حديث البخاري (١)، وقد يتلقاها من كاهن أو منجِّم، أو طارق من الجنّ أو الإنس، وكل هذا إنما يكون في الكلمة التي لا تُفْهِم معنًى تامًّا، وإنما يقعُ التخرُّص من الجن وأوليائهم. والتخرُّصُ أكْذَب الظن. فليس في ذلك رائحة من الإظهار على الغيب. والله أعلم.
وقد يتلقّى الجنيُّ الخبرَ التامَّ من القسم الأول من الغيب عن الإنس، بعد أن يصل إلى الإنسيّ بإحدى الطرق السابقة، والجنّي حينئذٍ كأحد عامة الإنس، فما أمْكَنَ أن يسمعه أحدُ عامة الإنس أمكن أن يسمعه الجنيُّ، فيحصل للجني العلمُ بسماع النبي من الإنس، وبسماع عدد التواتر منهم، وبقراءته لذلك الخبر في كتاب الله تعالى، ويحصل له الظن في غير ذلك، والتفصيل لا يخفى، ثم يتلقى الجنُّ بعضُهم عن بعض، وقد ينقل بعضُهم ذلك الخبر إلى بعض الإنس، وهلمّ جرًّا، والله أعلم.
* * * *
[١٩٧] ومما يستدلّ به أهلُ الأرض على بعض الغيب من القسم الأول، ولا يحصِّل إلا الظنَّ الضعيف: النظر في النجوم.
وذلك أن بعض الناس يرصد هذه الكواكب وأوقات طلوعها وغروبها واقترانها ومقادير سيرها، ويحكمون على بعضها بالسعادة وبعضها بالنحس، وينسبون لكلِّ كوكب محلًّا مخصوصًا من الأرض والأيام والساعات والمعادن والأعضاء والحروف والأحوال، كالحرب والنصر والهزيمة، والغنى والفقر، والزواج والفراق، والرُّخص والغَلاء، وغير ذلك. ويسندون