للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل] (١)

الحمد لله، إن الله سبحانه وتعالى لما خلق آدم أخرج له ذريته، وركَّب فيهم العقول، ثم أخذ عليهم الميثاق، ثم أبرزهم إلى الدنيا على الفطرة وهي الإسلام، أي أن الله سبحانه وتعالى جعل في فطرته معرفتَه والإقرار به ومحبته والخضوع له، كما حققه ابن القيم في "شفاء العليل" (٢)، قال: وإن ذلك موجب فطرتهم ومقتضاها، يجب حصوله فيها، وإن لم يحصل ما يُعارضه ويقتضي حصول ضدّه، وأن حصول ذلك فيها لا يقف على وجود شرط، بل على انتفاء المانع، فإذا لم يوجد فهو لوجود مُنافيه، لا لعدم مقتضيه ... إلخ.

وأمدَّهم سبحانه وتعالى بآلات تُوصِلهم إلى المطلوب منهم من السمع والأبصار والأفئدة، وغير ذلك من الحواس الظاهرة والباطنة، ثم جعل جميع مخلوقاته المحسوسة لهم في الآفاق والأنفس آياتٍ دالةً على وجوده وقدرته وإرادته وعلمه وكماله، وأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

ثم أرسل إلى كل قوم رسولًا بلسانهم، وأيَّده بمعجزات تُوجب اليقين بصدقه، يُذكِّرهم ذلك الميثاق وتلك الفطرة، ويرشدهم. وشرع لهم على لسانه شريعة عادلة قويمة موافقة للفِطَر السليمة والعقول المستقيمة، وداعية إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.

ثم ختم هؤلاء الأنبياء بمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، أرسله إلى الخلق كافّةً، وفي


(١) هذا الفصل موجود في المسودة، ولا يوجد في نسخة الأصل.
(٢) سبقت الإحالة إليه (ص ٩).