[ل ٣٩/أ] الحمدُ لله أهلِ الحمد والعبادة، المُواتِرِ لأهل طاعته إعانتَه وإمدادَه. وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ مخلصٍ له بالوحدانية حقَّ الشَّهادة. وأشهد أنَّ سيِّدَنا محمد بن عبد الله نبيُّه ورسولُه الذي هَدَى به عبادَه. اللهم فصلِّ وسلِّمْ على نبيِّك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن اتَّبع رشادَه.
أما بعد، فيا عبادَ الله، أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإنَّ تقوى الله هي سببُ الفوز بالنعيم وملاكُ السعادة. وإيَّاكم ومعصيةَ الله، فإنَّها سببُ الطرد والنَّكال عن الحسنى وزيادة.
وتفكَّرُوا في لطفِ الله بكم ورحمتِه ورِفْقِه وتحنُّنِه، وكيف يُربِّيكم بمصالحكم؛ فإنكم إنْ تفكَّرتم علمتم أنَّ عملكم لا يقومُ بذرَّةٍ من شكره. فإنَّ الإنسان كان نطفةً من ماء مهين، فلم تزل الحكمةُ الربَّانيةُ تُربِّيه وتُرقِّيه من النطفة إلى العَلَقة، ومن العلَقة إلى المُضغة، إلى كمالِ الصورة، إلى نفخِ الروح، إلى أن ألقاه طفلًا حيًّا؛ فكيف كان غذاؤه (١) في بطن أمه، ثم كيف كان تصويرُ عظامه ولحمه. ثم بعد ولادته سخَّر له مَن ربَّاه وغذَّاه ورتَّبَ له المصالح.
هذا مع ما أنعمَ الله به من أنَّ أكثر المخلوقات ساعيةٌ في مصالح الإنسان، فلو نظر الإنسانُ رأى أنه لو عاش عمرَ الدنيا وأضعافها، لا يفترُ من