للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن جابر بن عبد الله الأنصاري: "أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهَدْي هَدْي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" (١).

وسكوت السَّلَف ــ ومنهم إمامك ــ عن بيان استحباب هذا الأمر، وعدم فعلهم له كاف في الدلالة على أنَّه ليس من الدين، وأنَّ زَعْمَ أنَّه من الدِّين إحداثٌ في دين الله، وكذبٌ على الله.

على أنَّنا نرى أنَّ لهذا العالِم الذي تحتجُّ بقوله عذرًا يخرجه من زُمْرة المبتدعين الخاطئين، ويكون به من جملة المخطئين المعذورين، المأجورين إن شاء الله تعالى. وأمَّا أنت فلا عذر لك.

وإنَّما مَثَلُه مَثَل رجل عالِم تزوج امرأة، فأُهْدِيَت إليه أختها، فظنَّها زوجته فعاشرها معاشرة الأزواج حتى مضى لسبيله ولم يعلم بالحقيقة، فهذا معذور مأجور؟

ومَثَلُك مَثَل رجل أُهْديَت إليه أخت امرأته، فأُخْبِر بذلك قبل أن يقرَبَها، أو بعدما عاشرها مدَّة، فهل له بعد الإخبار أن يستمر على معاشرة أخت امرأته مقتديًا بذلك العالِم؟

وإذا لم يؤثِّر فيه هذا فقل له: إن لم يتبيّن لك الأمر فعليك الاحتياط، واعلم أنَّك إن تركت هذا الأمر كان لك أسوة بِمَن تَرَكَه، من نبي الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه، ومن بعدهم من الصدِّيقين والشهداء والصالحين إلى قرون عديدة، وحسن أولئك رفيقًا.


(١) تقدَّم تخريجه (ص ٨٧) وأنَّه عند مسلمٍ.