للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن عَمِلْتَه لم تكن [لك] (١) أسوة إلَّا بذلك العالِم المقلِّد، ولعلَّ له عذرًا ليس لك مثله.

وأقصى ما في هذا الأمر أنَّ الظاهر أنَّه بدعة، وهناك شُبْهَة ضعيفة بأنَّه مستحب، فما هو الأحوط؟ وقد صحَّ في الحديث [عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنةً لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: قد أرضعتُ عقبة والتي تزوَّجَ، فقال لها عقبة: ما أعلم أنكِ أرضعتِني، ولا أخبرتِني، فأرسل إلى آل أبي إهاب يسألهم، فقالوا: ما علمنا أرْضَعَتْ صاحبنا، فركب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالمدينة، فسأله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "كيف وقد قيل؟ " ففارقها ونكحت زوجًا غيره (٢)] (٣).

وأمَّا تقليد من اشتهر بالصلاح وليس بمجتهد فالفتوى من حيث هي مَدَارها على العلم والعدالة، فإذا كان المشهور بالصلاح عالمًا بالعلوم الشرعية فهو بمنزلة من كان مثله في العلم من العُدُول ولم يشتهر بالصلاح، وإنَّما الإخبار عن الشرع بمنزلة الشهادة.

فكما أنَّ الشريعة قَضَت في القضاء أنَّ شهادة شاهِدَين عَدْلَين لم يشتهرا بالصلاح وشهادة شاهِدَين عَدْلَين مشهورَيْن بالصلاح والولاية سواء= فهكذا حال الفتوى.

بل لو قيل برجحان فتوى العَدْل الذي لم يشتهر بالصَّلاح لَمَا كان بعيدًا؛ لأنَّ الصالحين اشتهروا بسلامة القلب إلى حدِّ الانخداع، وتحسين


(١) في الأصل: "له".
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٤٠) وغيره.
(٣) بيَّض المؤلف للحديث، وأشار إليه في هامش الصفحة بقوله: "كيف وقد قيل"، فأكملته.