وبين الأذان والإقامة حرامًا، ولو أُدِّيَت فيه لم تنعقد؟! هذا محالٌ.
وأيضًا، قد دلَّ حديث ابن عمر وغيره على عدمها كما مرَّ، فتعيَّن الجمع بين الأدلَّة بما ذكرناه، والله الموفِّقُ، لا ربَّ غيرُه.
[ص ٢١] وقال بعضهم: إنَّ هذه الأدلَّة التي استدلَّ بها المثبتون وإن كان بعضها غير صحيحٍ، وبعضها غير صريحٍ= فلا أقلَّ من أنْ تفيد بمجموعها المطلوب؛ لِما صرَّحوا به أنَّ الضَّعيف إذا تعدَّدتْ طرقُهُ بَلَغَ رتبة الحَسَن، فيحتجُّ به. وهَبْ أنَّه لا يكون كذلك، فقد صرَّحوا أنَّ الضَّعيف يُعمَلُ به في فضائل الأعمال.
وأقول: الجواب أنَّ بلوغ الضَّعيف رتبةَ الحسن له شروطٌ لم توجد هنا.
وكذلك العمل بالحديث الضَّعيف في فضائل الأعمال له شروطٌ لم تُوجد هنا.
مع أنَّ تلك الأحاديث جميعها غير صريحة في إثبات صلاةٍ قبل الجمعة، بنيَّة راتبةٍ قبليةٍ للجمعة، لِما قدَّمْنَاهُ. وأنَّ ما صحَّ منها فهو محمولٌ على النَّفْلِ المطلق الذي يُصلِّيه الإنسان ما بين دخوله الجامع وخروج الإمام، ولاسيَّما وقد قام الدَّليل على نفي أن تكون للجمعة راتبةٌ قبلية؛ كما مرَّ بيانه.
وفي الختام نقول للمثبتين: مَن كان منكم يُحِبُّ ثبوت راتبةٍ قبليَّةٍ للجمعة ليصلِّيها هو والمسلمون، فيَحُوزوا الفضيلة، فما عليه إلَّا أن يُبكِّرَ إلى الجامع فيصلِّي النَّفل المطلق إلى خروج الإمام، فيحوز فضيلةً أعظم ممَّا طلَبَ.