للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله على إفضاله، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه، سيّدنا محمد وآله.

وبعدُ، فقد جرت المذاكرة في توكيل الولي غير المجبر بتزويج موليته إذا وقع التوكيل قبل إذنها، فلمّا راجعتُ المظانَّ وجدت الحاجة ماسةً إلى بسطٍ وتحقيق، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

[ص ٢] قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "وإذا جاز للمرأة أن تُوكِّل وليَّينِ جاز للوليِّ الذي لا أمرَ للمرأة معه أن يوكّل، وهذا للأب خاصة في البكر، ولم يجُزْ لوليٍّ غيرٍ هـ (١) للمرأة معهم أمرٌ، أن يُوكِّل أبٌ في ثيّب، ولا وليٌّ غيرُ أبٍ، إلا بأن تأذن له أن يوكّل بتزويجها، فيجوز بإذنها". "الأم" (ج ٥ ص ١٤) (٢).

وأمّا كلام الأصحاب، فقال الشيخ أبو إسحاق في "المهذَّب":

"ولا يصحُّ التوكيلُ إلا ممّن يملك التصرفَ في الذي يُوكَّل فيه بمِلْكٍ أو ولاية، فأمّا من لا يملك التصرفَ في الذي يُوكَّل فيه ــ كالصبي، والمجنون، والمحجور عليه في المال، والمرأة في النكاح، والفاسق في تزويج ابنته ــ فلا يملك التوكيلَ فيه .... وأمّا من لا يملك التصرف إلا بالإذن كالوكيل والعبد المأذون له، فإنّه لا يملك التوكيل إلا بالإذن. واختلف أصحابنا في


(١) وقوله "غيره" أي: غير الولي الذي لا أمر للمرأة معه، أو غير الأب في البكر.
(٢) (٦/ ٤٣) ط. دار الوفاء.