للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثبوت الشرعي فلا حظَّ [١/ ١٣٢] لتلك الحكاية فيه بحال (١).

[فصل]

بعد أن قضى الخطيب قريبًا من ستين سنة على الحال التي تقدمت من الانهماك في العلم ليلًا ونهارًا، حتى كان يمشي في الطريق وبيده جزء يطالعه، وفي تلك الصيانة والنزاهة التي أعجز بها أولئك المؤذين، فلم يعثروا له على عثرة= خرج من بغداد في أيام الفتن، وقصد دمشق وأقام بها. وكانت إذ ذاك تحت ولاية العُبيديين الرافضة الباطنية، ولكن كانوا يتظاهرون بعدم التعرُّض لعلماء السنة، فاستمرّ الخطيب على أعماله العلمية إلى أن بلغ عمره خمسًا وستين سنة. وحينئذ أمر أمير دمشق من جهة العبيديين الرافضة الباطنية بالقبض على الخطيب ونفيه عن دمشق. فأما مؤرخ دمشق الحافظ الثبت ابن عساكر فقال: «سعى بالخطيب حسين الدميني إلى أمير الجيوش، وقال: هو ناصبي يروي فضائل الصحابة والعباس في جامع دمشق».

فهذا سبب واضح لنفي الخطيب، فإن العُبيديين رافضة باطنية يكفِّرون الصحابة والعباس، ويسرفون في بغضهم، ويرون في نشر فضائل الصحابة والعباس على رؤوس الأشهاد بجامع دمشق تحدِّيًا لهم، وتنفيرًا عنهم، ودعوةً إلى الخروج عليهم، ودعايةً لخصومهم بني العباس الذين كانوا ينازعونهم الخلافة ويقاتلونهم عليها.

وأما ابن طاهر ــ وما أدراك ما ابن طاهر ــ فحكى سببًا آخر، وقبل أن


(١) ولا حاجة بنا هنا إلى نحو ما يأتي في ترجمة الحسن بن [أحمد بن] إبراهيم رقم (٧٣). [المؤلف].