أبو حنيفة، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي». قال الخطيب:«قلت: وهو حديث موضوع تفرَّد بروايته البُورَقي، وقد شرحنا فيما تقدَّم أمره، وبيَّنَّا حاله». [١/ ٤٤٧] يعني في ترجمته، وهي في «التاريخ»(ج ٥ ص ٣٠٨ - ٣٠٩) وفيها عن حمزة السهمي: «محمد بن سعيد البُورَقي كذّاب، حدَّث بغير حديثٍ وَضَعه». وعن الحاكم:«هذا البورقي قد وضع من المناكير على الثقات ما لا يحصى، وأفحشُها روايته ... : سيكون في أمتي رجل يقال له: أبو حنيفة هو سراج أمتي. هكذا حدَّث به في بلاد خراسان، ثم حدَّث به بالعراق بإسناده، وزاد فيه أنه قال: وسيكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس، فتنتُه على أمتي أضرُّ من أبليس». وذكر الخطيب غير هذا من مناكيره.
قال الأستاذ (ص ٣٠): «استوفى طرقَه البدرُ العيني في «تاريخه الكبير»، واستصعب الحكم عليه بالوضع، مع وروده بتلك الطرق الكثيرة، وقد قال:« ... فهذا الحديث كما ترى قد روي بطرق مختلفة ومتون متباينة ورواة متعددة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على أن له أصلًا، وإن كان بعض المحدثين بل أكثرهم ينكرونه، وبعضهم يدّعون أنه موضوع، وربما كان هذا من أثر التعصب. ورواة الحديث أكثرهم علماء، وهم من خير الأمم، فلا يليق بحالهم الاختلاق على النبي عليه الصلاة والسلام متعمِّدًا»!
ذيَّل عليه الكوثري بقوله:«وعالِم مضطهد طول حياته، يموت وهو محبوس، ثم يعمُّ علمُه البلاد من أقصاها إلى أقصاها شرقًا وغربًا، ويتابعه في فقهه شطرُ الأمة المحمدية بل ثلثاها على توالي القرون، رغم مواصلة الخصوم من فقيه ومحدث ومؤرخ مناصبةَ العداء له، نبأ جلل لا يُستبعد أن يخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ... »!
أقول: لا أدري أعلمُ هؤلاء القوم أحرى أن يؤسَف عليه، أم دينهم، أم