أقول: قال الخطيب في «الكفاية»(ص ٣٥٧): «تدليس الحديث الذي لم يسمعه الراوي ممن دلّسه عنه بروايته إياه على وجهٍ يوهم أنه سمعه منه». ومثال هذا: أن قتادة كان قد سمع من أنس، ثم سمع من غيره عن أنس مالم يسمعه هو من أنس، فربما روى بعض ذلك بقوله:«قال أنس ... » ونحو ذلك، ثم ذكر الخطيب (ص ٣٥٨) ما يؤخَذ على المدلِّس، وهاك تلخيصه بتصرف:
أولًا: إيهامه السماع ممن لم يسمع منه.
ثانيًا: إنما لم يبيِّن لعلمه أن الواسطة غير مرضيّ.
ثالثًا: الأنَفَة مِن الرواية عمن حدثه.
رابعًا: إيهام علوِّ الإسناد.
خامسًا: عدوله عن الكشف إلى الاحتمال.
أقول: هذه الأمور منتفية فيما كان يقع من الصحابة رضي الله عنهم مِن قول أحدهم فيما سمعه من [ص ١١٥] صحابي آخر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -».
أما الأول: فلأن الإيهام إنما نشأ منذ عُنِي الناس بالإسناد، وذلك عقب حدوث الفتنة، وفي مقدمة «صحيح مسلم»(١): «عن ابن سيرين قال: لم