للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٥٠] وإن أريد بالأصول: أصول الفقه، فإننا نلتزم وجوب قبول الأحاديث الصحيحة فيها أيضًا.

ثم إن كان الأصل من الأصول العظمى التي تكثر فروعها في الشريعة جدًّا، فالكلام في هذه كالكلام في الضرب الأول من العقائد، فإذا انفرد حديث بأصلٍ ــ على أنه من ذلك ــ فهذا لا يكون صحيحَا؛ لما تقدم.

وإن كان في الأصول التي تقلُّ فروعها فنقول: إن قامت الحجة فيها على أنها لا تثبت إلا بحجة قاطعة فكالأصول العظمى، وإلا فكالفروع، فتقبل فيها الدلائل الظنية، ومنها الحديث الصحيح. والله أعلم.

٣ - لو جاز لجاز في نقل القرآن.

وأجاب (١) بأن القرآن معجزة الرسول، فالمطلوب منه إقامة الحجة القاطعة على رسالته.

أقول: بل نلتزم وجوب قبول الحديث الصحيح في هذا أيضًا. وقد كان في أول الإسلام يثبت القرآن بخبر الواحد، فقد كان الرجل يسلم ويتعلم سورًا من القرآن، ثم يذهب إلى قبيلته فيدعوهم، ويعلِّم من يُسلِم منهم (٢) تلك السور، ويتلونها، ويصلّون بها، ويعملون بها.

ولو ذهب الآن رجل مسلم إلى جزيرة منقطعة فدعا أهلها إلى الإسلام، فأسلموا، وعلَّمهم سورًا من القرآن، فتلَوها، وصلَّوا بها، وعملوا بها= لكانوا محسنين.

فإن فُرِض أنه أدخل في القرآن ما ليس منه، وكانوا قد اختبروه


(١) أي الآمدي في "الإحكام" (٢/ ٧٤).
(٢) في الأصل: "منه".