للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو السنابل» (١)، وبقية الأمثلة التي ذكرها ابن عبد البر (٢) وغيره.

[الخبر المحتمل لمعنيين أو أكثر]

لم يتعرض أهل البيان عند كلامهم في تعريف الصدق والكذب لفرقٍ بين الخبر الذي لا يحتمل إلا معنى واحدًا، والخبر المحتمل لمعنيين فأكثر.

ووجه ذلك أن المحتمل لمعنيين مثلًا، إن كان احتماله لهما على السواء بدون رجحان، فذلك راجع إلى معنى واحد.

ألا ترى أنه لو كان لك أخوان غائبان، فجاءك رجل فقال: «مات أحد أخويك» كان هذا معنى واحدًا؟ فهكذا إذا قال ــ حيث لا قرينة ترجِّح أحدهما ــ: «مات أخوك». فهكذا الخبر المحتمل لمعنيين بدون رجحان.

وإن كان ظاهرًا راجحًا في أحد المعنيين، والآخر مرجوحٌ، فقد اتفقوا على أن المعنى الذي يجب أن يبنى عليه ويُحكم به هو الظاهر الراجح. فإذا قيل لك: «مات أخوك»، ولا قرينة، فالمعنى الذي يقضى به لهذا الخبر هو أن أخاك الحقيقي قد مات موتًا حقيقيًّا، ولا يلتفت إلى احتمال غير ذلك. فالصدق والكذب في هذا الخبر مدارهما على ذاك المعنى الظاهر الراجح.

ثم رأيت في «البيان والتبيين» للجاحظ (١/ ١٨٣ (٣) طبعة القاهرة سنة


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (٤٢٧٣) من حديث ابن مسعود، وأعلَّه في كتاب «العلل» (٤٧٩٥) بالإرسال.
(٢) «جامع بيان العلم وفضله» (٢/ ١١٠٢ - ١١٠٥). وانظر: «التمهيد» (٩/ ٢٨٩، ٢٩٠).
(٣) (١/ ٣٣٧، ٣٣٨) تحقيق عبد السلام هارون. والنص طويل، ولذا لم يثبته الشيخ ولم نثبته، فليراجع هناك.