للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّا قول الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} آخر الكهف [١١٠]، فالذي يظهر لي أنه ضمّن (يشرك) معنى (يرائي).

ومن هنا يظهر أن حديث أحمد والطبراني عن [أبي موسى الأشعري] (١) عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «يا أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل»، قالوا: وكيف نتقيه يا رسول الله؟ قال: «قولوا: اللهمَّ إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه» على ظاهره، أي: إن المراد الشرك الأكبر، لقوله في الدعاء: «أن نشرك بك»، فعدَّاه بالباء. والله أعلم.

ومما يعترض به على ما قدَّمناه: قولُ الشافعي رحمه الله تعالى: «وكلُّ يمين بغير الله فهي مكروهة منهيٌّ عنها من قِبَلِ قول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: [٧٣٧]: «إنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليسكت» (٢) .... فكلُّ من حلف بغير الله كَرِهْتُ له وخشيت أن تكون يمينه معصية» (٣).

[و] الجواب: أن الشافعي رحمه الله تعالى لا نعلمه بَلَغتْه الأحاديث المصرِّحة بأنَّ الحلف بغير الله تعالى شرك، ولم يتجشَّم التفصيل، ولعلَّه لو سئل عن الضرب الأوَّل من القَسَم لم يتوقَّفْ في أنَّه إن وقع بغير الله تعالى كان شركًا، فأمَّا ما عداه فيحتمل أن يتردّد فيه، ولاسيَّما إذا لم يقف على


(١) بيض المؤلف هنا لاسم الصحابي. انظر: المسند ٣٢/ ٣٨٤، والمعجم الأوسط ٤/ ١٠. وسبق تخريج الحديث ص ١٤٤.
(٢) سبق تخريجه ص ٩٨٩.
(٣) الأم ٧/ ٥٦ - ٥٧. [المؤلف]