فواضح أن اجتماع بشر بالشافعي كان قبل ورود الشافعي بغداد لأول مرة وإلا لِمَ احتاج إلى أن يقول "بالحجاز رجلًا" أو "كلام رجل رأيته بمكة" بل كان يسميه لأنهم قد عرفوه.
والمقصود أن الشافعي بقي نحو عشرين سنة في طلب العلم وكتابته والمناظرة فيه بمكة والمدينة وما [ص ١٢] حولهما، ثم تولى بعض الولايات باليمن وكان يقضي ويفتي. وفي "توالي التأسيس"(ص ٧٨)(١): "قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إدريس ورّاق الحميدي، حدثنا الحميدي قال: قال الشافعي: .... ثم وليت نجران وبها بنو الحارث بن عبد المدان وموالي ثقيف .... وتظلّم عندي ناس كثير، فجمعتهم وقلت: اجمعوا لي سبعة يكون مَن عدّلوه عدلًا ومَن جرّحوه مجروحًا، ففعلوا .... حتى أتيت على جميع الظلامات، فلما انتهيت جعلت أحكم وأسجّل .... حتى حُمِلت إلى العراق، وكان محمد بن الحسن جيّد المنزلة عند الخليفة، فاختلفتُ إليه، وقلت: هو أولى من جهة الفقه، فلزمته، وكتبت عنه، وعرفتُ أقاويلهم، وكان إذا قام ناظرتُ أصحابَه، فقال لي: بلغني أنك تُناظر فناظرني في الشاهد واليمين، فامتنعتُ، فألحّ عليّ، فتكلّمت معه، فرُفع ذلك إلى الرشيد، فأعجبه ووصلني".
وقد ذكر الأستاذ طرفًا من هذه الحكاية ص ١٨٤ وثبّتها ثم حمّلها ما لا تطيقه، فمِن جملة ما قاله:"وبها يعلم أيضًا أن محمد بن الحسن بعد أن درّب الشافعي على الأخذ والردّ هكذا رفع حديثه إلى الرشيد". ولا أثر للتدريب في هذه الرواية ولا غيرها، وإنما حقيقة الأمر أن الشافعي جالس محمد بن