للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلَّا فقد أيَّد الله محمدًا صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بعدة آيات، نقلتها الكواف، بل في القرآن نفسه الإخبار بالغيب، والمنع من المعارضة وغيره، فكيف تحمل الآيات على الاستغراق حتى يستدل بها على أنَّه لم يُمَدَّ بآية (١)؟!

وأمَّا قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ (٢)} [العنكبوت: ٥٠]، فكذلك، بل بالعكس، يفهم أنَّ هنالك آيات غير القرآن، وإنَّما المشركون يريدون آية ممَّا طلبوه، كأن يكون معه ملَك، أو نحو ذلك، فأجابهم الله تعالى أنَّ القرآن آيةٌ دائمة مستمرَّة، هي أعظم من كلِّ آية (٣).

وقول المخذول: لِمَ لمْ يقُل: (إنا أنزلنا عليك الكتاب آية)؟

فقل له: يا مخذول، إنَّ الكلام يدلُّ عليها أتمَّ دلالة، وإلَّا فما معنى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ} في مقابلة طلبهم آية؟!

ويا ترى إذا قلنا لك: إنَّ فلانًا مجنون، فقلتَ: وما الدليل على جنونه؟ فقلنا: أولم يكفك أنَّ أقواله وأفعاله مشوَّشة غير منتظمة= هل يحتاج مع ذلك إلى أن نقول: وذلك دليل على الجنون.

[ص ٤٢] لا خلاف بين جميع الأمم أنَّ بني إسرائيل كانوا بمصر في أشدِّ العذاب؛ لذبح أولادهم، واستحياء نسائهم، وتسخيرهم، فأتاهم موسى عليه السلام يدعوهم إلى الخلاص من هذه المشاق، وكانوا أهل عسكر واحدٍ،


(١) يُنظَر: "الفِصَل" لابن حزم (١/ ١٨٥ - ١٨٧).
(٢) في الأصل: (وإذا لم تأتهم آية قالوا لولا أنزل عليه آية).
(٣) يُنظَر: "الفِصَل" لابن حزم (١/ ١٩٤).