للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي خلق الجنَّ والإنس ليعبدوه، وبعث إليهم رسله ليوحِّدوه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمَّدٍ وعلى آل محمَّدٍ، كما صلَّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمَّدٍ وعلى آل محمَّدٍ، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإني تدبَّرت الخلاف المستطير بين الأمَّة في القرون المتأخِّرة في شأن الاستعانة بالصالحين الموتى، وتعظيم قبورهم ومشاهدهم، وتعظيم بعض المشايخ الأحياء، وزَعْم بعض الأمَّة في كثيرٍ من ذلك أنه شركٌ، وبعضِها أنه بدعةٌ، وبعضِها أنه من الحقِّ، ورأيتُ كثيرًا من الناس قد وقعوا في تعظيم الكواكب والروحانيِّين والجنِّ بما يطول شرحه، وبعضه موجودٌ في كتب التنجيم والتعزيم كـ"شمس المعارف" (١) وغيره، وعلمتُ أن مسلمًا من المسلمين لا يُقْدِمُ على ما يعلم أنه شركٌ، ولا على تكفير مَن يعلمُ أنه غير كافرٍ، ولكنه وقع الاختلاف في حقيقة الشرك، فنظرتُ في حقيقة الشرك؛ فإذا هو ــ بالاتِّفاق ــ: اتِّخاذ غير الله عزَّ وجلَّ إلهًا من دونه، أو عبادة غير الله عزَّ وجلَّ، فاتَّجه النظرُ إلى معنى الإله والعبادة؛ فإذا فيه اشتباهٌ شديدٌ؛ فإنَّ المعروف في تفسير (إله) قولهم: (معبود)، أو: (معبود بحق)، ومعنى العبادة


(١) شمس المعارف ولطائف العوارف كتابٌ لأحمد بن عليِّ بن يوسف البُوني، المتوفَّى سنة ٦٢٢ هـ. انظر: كشف الظنون ٢/ ١٠٦٢.