للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* أقسام الشعر:

ثم قال في "الشعر والشعراء": "تدبرت الشعر فوجدته أربعة أضرب، ضربٌ منه حَسُن لفظه وجادَ معناه، كقول القائل:

في كفِّه خَيزُرانٌ ريحُه عَبقٌ ... من كفِّ أروعَ في عِرْنينه شممُ

يُغْضي حياءً ويُغضَى من مَهَابته ... فلا يُكلَّم إلا حين يبتسمُ

لم يقل أحد في الهيبة أحسن منه ... " ثم ذكر أمثلة ثم قال: "وضرب منه حَسُن لفظه وحلا، فإذا أنت فتَّشته لم تجد هناك طائلاً كقول القائل:

ولمّا قَضَينا مِن منىً كلَّ حاجةٍ ... ومسَّح بالأركان من هو ماسِحُ

وشُدَّت على حُدْب المهاري رحالنا ... ولم ينظُرُ الغادي الذي هو رائحُ

أخذنا بأطرافِ الأحاديثِ بيننا ... وسالت بأعناقِ المَطيِّ الأباطحُ

وهذه الألفاظ أحسن شيء مطالعَ ومخارجَ ومقاطعَ، فإذا نظرت إلى ما تحتها وجدته: ولما قضينا أيام منى، واستلمنا الأركان، وعالينا إبلنا الأنضاء، ومضى الناس لا ينظر من غدا الرائح، ابتدأنا في الحديث، وسارت المَطي في الأبطح (١) .... ". ثم ذكر أمثلة:

ثم قال: "وضرب منه جاد معناه، وقَصُرت الألفاظ عنه، كقول لبيد:

ما عاتبَ المرءَ الكريمَ كنفسِه ... والمرءُ يُصلحه الجليسُ الصالحُ

هذا وإن كان جيد المعنى والسبك فإنّه قليل الماء والرونق ... ". ثم ذكر أمثلة ثم قال: "وضرب منه تأخر لفظه وتأخر معناه، كقول الأعشى:


(١) راجع أسرار البلاغة لعبد القاهر ص ١٤ - ١٧. [المؤلف].