للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلماء (١): "ومَن شرَّع فقد كفر".

فأمَّا الاستحسان الذي حُكِي عن مالك وأبي حنيفة فذاك دليل يقوم في نفس المجتهد، من أثر معرفته بالقواعد الشرعية والأحكام المتعدِّدة، ولكنَّه لا يمكنه أن يُسْنِده إلى نصٍّ معيَّن، وليس هناك دليل أقوى منه يخالفه. وقد حقَّق الشَّاطبي هذا المعنى في "الاعتصام" فراجعه (٢).

وأمَّا ما رُوِي عن ابن مسعود: "وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن" (٣)، فمُرَاده ما رآه جميع المسلمين، وذلك هو الإجماع.

وإذا استند إلى رُؤْيَا قيل له ــ مع ما تقدَّم ــ: قد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الرُّؤيا منها ما هو حقٌّ، ومنها ما هو من حديث النَّفْس، ومنها ما هو من الشيطان (٤).


(١) نَسَبه الزَّركشي إلى أصحابه الشَّافعيَّة، فقال في "البحر المحيط" (٦/ ٨٧): "قال أصحابنا .. " وذكره. وقال البدخشي في "مناهج العقول" (٣/ ١٤٠): "من أثبت حكمًا بالاستحسان فهو الشَّارع لهذا الحكم، فهو كفرٌ أوكبيرةٌ".
(٢) "الاعتصام" (٣/ ٦٢ - ٦٦، ٩١).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٣٧٩)، والحاكم (٣/ ٧٩)، والبزَّار (٥/ ٢١٢) وغيرهم، من طرقٍ عن عاصم بن أبي النجود عن زِر بن حُبيش عن ابن مسعود موقوفًا، وقد صحَّح إسناده أوحسَّنه موقوفًا: الحاكم ووافقه الذَّهبي، وابن القيم في "الفروسية" (ص ٢٣٨)، وابن عبد الهادي (كما في "كشف الخفاء" ٢/ ٢٤٥)، وابن كثير في "تحفة الطالب" (ص ٤٥٥)، وابن حجر في "الدِّراية" (٢/ ١٨٧)، والألباني في "الضَّعيفة" (٥٣٣)، وغيرهم.
(٤) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٧٠١٧) ومسلم (٢٢٦٣) وغيرهما، من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "والرُّؤيا ثلاثة، فرؤيا الصَّالحة بُشرى من الله، ورؤيا تحزينٍ من الشَّيطان، ورؤيا ممَّا يحدِّث المرءُ نفسه". لفظ مسلم.
وثَمَّ اختلاف في رفع الحديث ووقفه، ذكره الدَّارقطني في "العِلل" (١٠/ ٣١ - ٣٤)، ثمَّ صحَّح رفعَه.