للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَزِهًا عفيفًا». وقال ابن الجوزي: قد كنت أسمع من مشايخنا أن الخطيب أمر ابن خيرون أن يُلحق وُرَيقات في كتابه ما أحبَّ الخطيبُ أن تظهر عنه. قلت: وكتابته لذلك كالحاشية، وخطه معروف لا يلتبس بخط الخطيب أبدًا، وما زال الفضلاء يفعلون ذلك. وهو أوثق من ابن طاهر بكثير، بل هو ثقة مطلقًا ... ».

أقول: «تاريخ الخطيب» قُرئ عليه في حياته، ورواه جماعة. ويظهر أنها أُخِذت منه عدة نسخ في حياة الخطيب، على ما جرت به عادة المُثْرين من طلبة العلم والمجتهدين منهم، أن يستنسخ كلٌّ منهم الكتاب قبل أن يسمعه على الشيخ، ثم يسمع في كتاب نفسه ويصحح نسخته. وكثير منهم يستنسخ قبل كلّ مجلسٍ القطعةَ التي يتوقع أن تُقرأ في ذلك المجلس إلى أن يتمّ الكتاب.

وعبد المحسن الذي روى ابن طاهر من طريقه ذكر الزيادة هو عبد المحسن بن محمد الشيحي. وفي ترجمته من «المنتظم» (ج ٩ ص ١٠٠): «أكثر عن أبي بكر الخطيب بصُور، وأهدى إليه الخطيب «تاريخ بغداد» بخطه، وقال: لو كان عندي أعزُّ منه لأهديته له». ومن الواضح أن الخطيب لا يهدي نسخته الوحيدة من تاريخه الجليل ويبقى بلا نسخة، فلا بدَّ أن تكون عنده نسخة أخرى. ومن البيِّن أن العالم لا يزال يحتاج إلى الزيادة في تآليفه، فلعله زاد في النسخة التي بقيت عنده أشياء لم تكن في النسخة التي أهداها لعبد المحسن. فإذا كانت هذه النسخة الأخيرة صارت لابن خيرون ــ كما يقول الأستاذ ــ فطلب ابن خيرون من عبد المحسن أن يبعث إليه بالجزء الخامس من نسخته، فألْحَقَ ما ألْحَق؛ فإن كان ألحق على