وقد بيَّن سبب تأليفها بقوله:"جمعتُها لما رأيتُ ما وقع للمتأخرين من الاضطراب فيه؛ فنَسَب بعضُهم إلى كبار الأئمة الاحتجاجَ به، ونَسَب غيرُه إلى الإجماع استحبابَ العمل به في فضائل الأعمال ونحوها، وتوسّع كثيرٌ من الناس في العمل به، حتى بنوا عليه كثيرًا من المحدَثات، وأكَّدوا العمل بها، وحافظوا عليها أبلغ جدًّا من محافظتهم على السنن الثابتات، بل والفرائض القطعيات. بل كثيرًا ما بنوا عليه عقائد مخالفة للبراهين القطعية من الكتاب والسنة والمعقول. ولم يقتصروا على الضعاف بل تناولوا الموضوعات".
وما وصلنا من نُسَخ هذه الرسالة (وهو ثلاث قطع) لا يمثل كامل الكتاب، فهل أكمله المؤلف أو وقف عند هذا الحدّ؟ وقد اعتمدنا على مبيّضة الرسالة، ثم أتبعناها بالمباحث الزائدة في المسوّدات.
[٤٨ - محاضرة في علم الرجال وأهميته]
كانت دائرة المعارف العثمانية بحيدراباد الدكن تعقد لقاءً ثقافيًّا سنويًّا، وتدعو فيه جمعًا من العلماء لإلقاء كلمات أو محاضرات، فشارك المؤلف في موسم سنة ١٣٥٤ بمحاضرته هذه التي عنونها بـ "علم الرجال وأهميته".
فبدأ كلامه في تفاوت العلوم في مقدار شرفها، وأن لدين الإسلام ينبوعين عظيمين: القرآن والسنة، ثم عرَّف السنة وكيف انتقلت إلينا عبر الرواية، وأن الرواة متفاوتون في القوة والضعف، ومن هنا نشأ علم الرجال ومعرفة الرواة، وذكر تأصيل الكلام في الجرح والتعديل، ومَن أوّل من تكلم في الرجال؟ وكيف تطوَّر إلى أن صار عِلْمًا برأسه. ثم تطرّق إلى طرق اختيار الأئمة للرواة فذكر جملةً منها، وذكر كتب الرجال وأنواعها وأهمها وما طبع منها، وأيها أحق بالطباعة والتحقيق مما لم يُطبع.