للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "وبهذا نقول" (١).

وقد روى الإمام أحمد (٢) وغيره أنّ ابن عبّاس طاف مع معاوية فكان معاوية يستلم الشاميين وابن عباس يمنعه ويقول: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة". وفي بعض الروايات: أنّ معاوية رجع عن ذلك (٣).

وقد عقد البيهقي في "السنن" بابًا لذلك، وذكر فيه جواب الشافعي عن شبهة الهجران بقوله: "قال الشافعي: ولم يدَّعِ أحدٌ استلامهما هجرةً لبيت الله ونسكه، ولكنّه استلم ما استلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمسك عمّا أمسك عنه". "سنن البيهقي" (٥/ ٧٧).

وقد جاء عن عمر وعثمان عدم استلام الشاميين واحتجَّا بأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله (٤).

أقول: وقول الشافعي: "وإن قبّله فلا بأس به ... " يمكن أن يكون أراد بالبأس الإعادة والفدية، أي: أنّه لا إعادة عليه ولا فدية كما بيّنه بعد ذلك، ولكنّه قال في موضع: "وأيّ البيت قَبَّل فحَسَنٌ غير أنّا نأمر بالاتباع"، وهذا لا يخلو عن إشكال، ولعله أراد أنّه مباح إذا لم يزعم فاعله أنّه من الدين، بل فعله بباعث المحبة، كالذي كان يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في كل ركعة، مع أنّ بينهما فرقًا، فإنّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في الصلاة ثابت إجمالًا، وتقبيل ما


(١) (٣/ ٤٣٥).
(٢) (٢٢١٠)، وأخرجه البخاري (١٦٠٨) معلقًا، والحاكم: (٣/ ٥٤٢).
(٣) في "المسند" (١٨٧٧) وفيه قول معاوية لما ذكر له ابنُ عباس الآية: "صدقت".
(٤) خبر عمر رواه أحمد (٢٥٣، ٣١٣)، وخبر عثمان رواه أحمد أيضًا (٥١٢).