المراد بالظهور هو الظهور للمخاطب الذي أريد إفهامه، ومن هنا يُعلم أن القرينة الصحيحة هي التي يعلم المتكلم أو يظن إن كان ممن يجوز عليه الظن أن المخاطب يدركها، بحيث لو غفل عنها عُدّ مقصرًا.
قال لك عاميّ أميّ: إنّي اشتريت أربع عشرة ربطةَ مناديل، في كل ربطة اثنا عشر منديلًا، ودفعت الثمن اثني عشر جنيهًا، ورجع لي البائع ثلاثين قرشًا، وأريد أبيع المناديل فرادى، فأخبِرْني كم يخص كلّ منديل من أصل الثمن؟
وتعرف أنّ الجنيه صرفه سبعة وتسعون قرشًا، فحسَبْتَ فوجدت ثمن كل منديل ستة قروش وثلاثة أرباعٍ قرشٍ، فقلت لسائلك الأمي: يخص كل منديلٍ ستة وثمن! ونويتَ ستةً وثُمُنَ الستة وهو ثلاثة أرباع، فهل لك أن تزعم أنك بهذه التورية مع قيام الدلالة العقلية القاطعة المدركة بطريق الحساب لم تكذب على ذلك المسكين، وقد صدَّقك، ولم تغشَّه إذ ائتمنك، وأنّك غير مؤاخذ بما يناله من خيبة الأمل ونقصان رأس المال وضياع التعب، وما ينجرّ إلى ذلك من افتقاره واحتياجه وجوع أهله وعُرْيهم وغير ذلك، وأنّ لك الحق فوق ذلك أن تلوم [ص ١٠] ذلك المسكين وتوبِّخه على فهمه وما نشأ عنه، وتعاقبه إن كان أجيرك مثلًا؟
هذا في القرينة العقلية، ومثله يقال في اللفظية، كأن قلت في الجواب:«ستة وثُمنها» ولكن أخفيتَ الهاء عمدًا، فلم يسمع إلا «ستة وثُمن». وقس على ذلك الحالية والعادية.