للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحكاية التي ذكرها هي في "الانتقاء" نفسه (ص ٧٢) (١) وليس فيها أنه استعصى عليه الجواب وإنما فيه أنهم "عابوه وأنكروا عليه، وكان سبب كتابه إلى الشافعي بذلك [ص ٣٥] فوجّه (إليه الشافعي) بالرّسالة". فيظهر أن ابن مهدي أجابهم ولكن لما رأى أنه قد يَرِد عليه من المسائل ما يحتاج إلى مناظرة أهل الرأي فيه ــ وكان الشافعي قد اشتهر بتفوّقه عليهم ــ أحبَّ ابنُ مهدي أن يستفيد ببعض ما يكتبه الشافعي. ومن البعيد أن يكتب ابنُ مهدي إلى الشافعي يسأله عن تلك المسألة، فيكتب إليه الشافعيُّ برسالته في أصول العلم.

وقول الأستاذ: "هذا الديلمي" مِن بالغِ أدبه!

وذكر ابن عبد البر (ص ٣٤ ــ ٣٥) (٢) من طريق "عبد الله بن أحمد قال: نا أبي قال: نا سُريج بن النعمان، قال: نا عبد الله بن نافع، قال: كان مالك بن أنس يقول: الإيمان قول وعمل، ويقول: القرآن كلام الله، ويقول: مَن قال: "القرآن مخلوق" يوجع ضربًا ويُحْبَس حتى يتوب. وكان مالك يقول: الله في السماء وعِلْمه في كلّ مكان لا يخلو منه شيء". فعلَّق عليه الأستاذ: "ابن نافع وسُريج في حفظهما وضبطهما على ما تعرف، ولم يروِ أحدٌ من أصحاب مالك عنه مثل هذا، بل المتواتر عنه عدم الخوض ... ويأتي عنه أيضًا بسنده ما ذكر هنا بدون زيادة ــ وكان مالك يقول: الله في السماء إلخ، فآثار الافتعال ظاهرة على هذه الزيادة، على أنّ هذه الرواية مما شذّ به عبد الله بن أحمد عن أبيه، وقول أبيه في ابن نافع الصائغ معروف، وكم فيما يُنْسَب إلى عبد الله ما يضرب به عرض الحائط، ويَرُوج على من لا ينظر إلى ما يدخل في روايات المكثرين عن آبائهم".


(١) (ص ١٢٢ - ١٢٣).
(٢) (ص ٧١).