للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

فائدةٌ في بحثٍ جرى فحرّرتُ ما عَلِق بفكري منه بالمعنى بحسب ما بلغ إليه فهمي، والله الهادي.

دعاني سيدنا الإمام (١) أيده الله تعالى ليلةً، وعنده السيد العلَّامة محمد بن عبد الرحمن الأهدل، وأخبرني أنهما تذاكرا في قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: ١٤١]، فذكر ــ أيَّده الله ــ وجهًا، وذكر السيد محمد بن عبد الرحمن وجهًا، وأمرني بنظر "الجلَالَيْن"، فنظرته، فإذا السيوطي يقول في قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} قبل النضج {وَآتُوا حَقَّهُ} زكاته {يَوْمَ حَصَادِهِ} ... {وَلَا تُسْرِفُوا} بإعطاء كله، فلا يبقى لعيالكم شيء" (٢).

فخَطَر للحقير أنَّ قوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا} يرجع إلى الأكل؛ لأنه المحتاج إلى التقييد؛ لأنَّ البعض الذي يستفاد مِنْ (مِنْ) مطلقٌ يصدق على الربع فما فوقه، ما دام لم يستغرق؛ فاحتاج إلى تقييد الإذن بعدم الإسراف، كما احتاج الأكل والشرب للتقييد بعدم الإسراف، والإذنُ بالوصيّة إلى التقييد بعدم المضارَّة (٣). وقدَّر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا بالربع أو الثلث، والثلثُ هو الغاية (٤)، كما


(١) محمد بن علي الإدريسي.
(٢) "تفسير الجلالين" (١٤٦).
(٣) يعني في سورة النساء: ١٢.
(٤) انظر حديث سعد بن أبي وقاص في البخاري (٢٧٤٤) ومسلم (١٦٢٨)، وحديث ابن عباس في البخاري (٢٧٤٣) ومسلم (١٦٢٩).