وأما الفرقة الثانية: فيقال لهم: أرأيتم أولئك الأئمة أمعصومين كانوا؟
فإن قالوا: لا.
قيل لهم: فالعادة تقضي بأنهم لم يسلموا من الخطأ.
فإن قالوا: العبرة بالغالب.
قيل لهم: أفرأيتم إذا كانت الطريق لمعرفة ما غلطوا فيه موجودة، لماذا تسدونها؟
أو رأيتم ما اختلف فيه إمامان، فصححه أحدهما، وضعفه آخر؟
فإن قلتم: يُتوقّف فيه.
قيل لكم: فإذا كانت السبيل إلى معرفة المصيب منهما موجودة، لماذا تقطعونها؟
أو رأيتم ما لم يُنْقَل عن الأئمة فيه تصحيح ولا تضعيف، ومعرفة حاله ممكنة، لماذا تتركونها؟
فإن قالوا: إنما ذهبنا إلى ما ذهبنا إليه لقصور عِلْم الناس، فإن غاية أحدهم أن يعرف أن رواة هذا الحديث ثقات، قد سمع كلٌّ منهم ممن قبله، وهذا وحده لا يقتضي الصحة؛ فإن شَرْط الصحيح أن يسلم من الشذوذ والعلة، ومعرفة العلل بغاية الصعوبة.
قيل لهم: أرأيتم تلك الصعوبة، أتَبْلُغ أن يُقْطَع لأجلها بأن بلوغ تلك الرتبة مستحيل؟