للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه، لا يلزمه أنَّ الإمام يتحمَّل عن الموافق؛ للفرق الواضح. فإن له أن يقول: إنَّ الشارع لما أمر المسبوق أن يدخل في الصلاة فورًا، سواءٌ أكان الإمام راكعًا أم ساجدًا أم جالسًا أم غير ذلك، فقد ألزم هذا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعًا أن يركع معه، ثم نظر فإذا هو قد أدرك معظم الركعة، وأدرك الأركان التي تتميَّز بها الصلاة تميُّزًا واضحًا؛ وهي الركوع والسجود، وعلم الشارع أنَّ تكليفه المسبوق بالموافقة، وتكليفه بقضاء تلك الركعة يشقُّ عليه، وهذه المشقة وإن كانت خفيفة إلَاّ أنه يحتمل تكرُّرها مرارًا كل يوم، فناسبَ أن يسقط عنه فاتحة تلك الركعة، وإن كانت ركنًا؛ كما أسقط القراءة عن الأبكم والأمي وإن كان منفردًا، وكما أسقط القيام عن المأمومين إذا كان الإمام لا يستطيع القيام، وكما أسقط القيام والركوع والسجود عن العاجز. ولم يَلزم المسبوقَ بدلُ الفاتحة؛ لأنه لا يمكن له بدلٌ إذا كان عليه الموافقة في الركوع فورًا؛ فكان مشغولًا بعد ذلك بأعمال أخرى.

فإن قيل: فإنَّ من أدرك الإمام في الاعتدال لا تحسب له ركعة مع أنَّ المشقة عليه قريب من المشقة على من أدركه في الركوع.

قلت: ولكنها أخفُّ بالنسبة، ومع ذلك فليس العلة هي المشقة وحدها؛ بل المشقة مع إدراك معظم الركعة، وإدراك الأركان التي تتميَّز بها الصلاة تميُّزًا واضحًا. وأما الموافق فلا مشقة عليه؛ فكيف يقاس على المسبوق؟

[ص ٨٥] وأما حديث موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شدَّاد فقد أطلق الحفَّاظ المتقدِّمون أنه لم يجئ موصولًا بذكر جابر إلَاّ من رواية الإمام أبي حنيفة ــ رحمه الله تعالى ــ والحسن بن عمارة، ولم يناقش في ذلك أحد من الحفاظ الحنفية وغيرهم.