مآخذ العقائد الإسلامية أربعة: سَلَفيَّان، وهما الفطرة والشرع. وخَلَفيَّان، وهما النظر العقلي المتعمَّق فيه، والكشف التصوفي.
أما الفطرة، فأريد بها ما يعمُّ الهداية الفطرية، والشعور الفطري، والقضايا التي يسمِّيها أهل النظر: ضروريات وبديهيات، والنظر العقلي العادي، وأعني به ما يتيسَّر للأُميين ونحوهم ممن لم يعرف علم الكلام ولا الفلسفة.
وأما الشرع، فالكتاب والسنة.
وأما النظر العقلي المتعمَّق فيه، فما يختصّ بعلم الكلام والفلسفة.
وأما الكشف التصوفي، فمعروف.
فأما المأخذ السلفي الأول، فالهداية والشعور الفطريَّان يتضحان ويتضح علوُّ درجتهما بالنظر في أحوال البهائم والطير والحشرات كالنحل والنمل. وأذكر من ذلك مثالًا واحدًا: لو أنك أخذت فِراخَ حمامٍ عقب خروجها من البَيض، فاعتنيت بحفظها وتغذيتها وتربيتها بعيدةً عن جنسها، لَوجدتَها بعد أن تكبر يأتلف الذكر والأنثى منها، فلا يلبثان أن يبادرا إلى تهيئة موضع مناسب لوضع البيض وحفظه وحضنه، فيختاران موضعًا صالحًا لذلك. ثم يتلمَّسان ما يمهِّدانه به من الحشيش ونحوه، ثم تضع