معهما في الدنيا بالإيمان والطاعة والاتباع، فيحبُّه الله، فيُنيله المعيةَ في الآخرة بالنجاة والدرجات. قال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١]. وتفاوتُ المعية في الدنيا دليل تفاوت المحبة، وقضية ذلك تفاوت المعية في الآخرة، ويزيد الله تعالى من شاء من فضله.
ويدخل في المتشابه على القول الثاني الآيات المتعلقة بذات الله تعالى وصفاته وغيبه، كقوله تعالى فيما قصَّه من خطابه لإبليس:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥].
فالآيات سيقت لِحضِّ بني آدم على مخالفة الشيطان وتحذيرهم من طاعته أو فعل مثل فعله، وبيان عداوته لهم، وبيان إقامة الله عز وجل الحجة عليه، وبيان أن الله تعالى شرَّف أباهم بأن خلقه بيديه سبحانه، وبيان أن له سبحانه يدين كما يليق بعظمته. وهذه المعاني ظاهرة لا لبس [٢/ ٣٣٦] فيها، لكن النفس قد تتخطاها إلى الخوض في كُنْهِ اليدين وكيفيتهما.
فعلى كلا القولين تكون تلك الآيات محكمةً، أي متقنةً على ما اقتضته الحكمة. وفي بقاء المنسوخ بعيدًا عن ناسخه، والإتيان بالمجمل بنوعيه ابتلاءٌ من الله لعباده، فيكون عليهم مشقة وعناء في استنباط الأحكام؛ لاحتياج ذلك إلى الإحاطة بنصوص الكتاب والسنة واستحضارها. وفي ذكر ما لا سبيل للعباد إلى معرفة كنهه وكيفيته، مع ما يتعلق بذلك من المعاني الظاهرة، ابتلاءٌ لهم ليمتاز الزائغ عن الراسخ. وقد تقدمت حكمة الابتلاء في أوائل الرسالة.
ويبقى النظر في وجه تسمية تلك الآيات متشابهات. والذي يظهر أنه