للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[المعاريض]

في الأثر: "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" (١) قال ابن الأثير في "النهاية": "المعاريض جمع معراض، وهو خلاف التصريح من القول. يقال: إنما عرفت ذلك في مِعراض كلامه ومِعْرض كلامه".

قال عبد الرحمن: المعاريض هنا كل كلام فيه إيهام مقصود لمعنى لا يحب المتكلم التصريح به؛ إما لكونه كذبًا، وإما لغير ذلك. وهو على أضرب:

أبعدها عن الكذب ما يكون الكلام بحيث إذا تأمله السامع عرف أن المعنى الموهم غيرُ مرادٍ. وإنما يتم الإيهام بمعونة تقصير السامع واستعجاله في فهم الكلام؛ إما لأن تلك عادته، وإما لأنه في حال ضيق وانقباض، وإما لأن في الكلام ما يزعجه، وإما لغير ذلك.

فمن ذلك ما يُروى أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جاءه رجل فقال: "أُبدع بي" أي هلكت راحلتي "فاحملني" أي أعطني راحلةً أركبها، فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: "لأحملنك على ولد ناقةٍ" فقال الرجل: وما أصنع بولد ناقةٍ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: "وهل تلد الإبلَ إلا النوقُ؟ " (٢).


(١) صحَّ موقوفًا على عمران بن الحصين. أخرجه ابن أبي شيبة (٢٦٤٩٩) والبخاري في "الأدب المفرد" (٨٥٧). وقد روي مرفوعًا ولا يصح. انظر "الضعيفة" (١٠٩٤).
(٢) أخرجه أحمد (١٣٨١٧) والبخاري في "الأدب المفرد" (٢٦٨) وأبو داود (٤٩٩٨) والترمذي (١٩٩١) من حديث أنس بن مالك، وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب".