مسألة التفضيل بين الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم وإن كان أصلُها من الدين؛ لتنزيل الناس منازلهم، وإعطاء كلِّ أحدٍ حقَّه= فقد صارت مِن حُجُبِ الشيطان التي يُلهي بها الإنسانَ عمّا خُلِقَ لأجله, ومَن أنكر هذا فيقال له: التفضيل هل هو بحسب ما عند الله تعالى أم بحسب تشييد الدّين والنفع للمسلمين؟
فإن قال بالثاني. قلنا: وايمُ الله إنّ كلًّا منهم قد شاد الدين ونفع المسلمين.
ومعرفة تفصيل ذلك تمامًا لا سبيل إليها؛ لأنَّه لم يَرِد مِن ذلك إلَّا بعضُه، ولعلَّ لبعضهم زيادةً على غيره ينفع المسلمين بالالتجاء إلى الله تعالى والدعاء لهم؛ فإنَّ ذلك من أعظم النفع.
وليت شعري أيُّ طائل في الدين لمثل البحث في: أيّهم أنفع؟! ولاسيّما مع ما عَرَض للفضائل من التعصُّبات بدفن البعض واختلاق البعض، حتى يحتمل صدق الضعيف وكذب الصحيح.
وإن قال: بحسب ما عند الله تعالى. قلنا: هذا غيب.
فإن قال: الأدلَّة. قلنا: ما منهم إلَّا وقد وَرَد في حقِّه ما يُشْعِر بأفضليَّته أو يصرِّح بها مع كثرة ذلك، ولا سبيل إلى القطع ببعضها حتى تزعم أنَّها عند الله تعالى كذلك.
فأمَّا كوننا متعبَّدين بالأخذ بالصحيح من السُّنن والحَسَن ونحو ذلك،