للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨].

الصفا والمروة معروفان، نصّت الآية على أنّهما شعيرتان من شعائر الله، والعبادة المتعلقة بهما هي التَّطَوُّف بهما، وبينته السنةُ بما هو معروف.

قام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أول مرّة على موضع مخصوص من الصفا لا تُعرف عينُه الآن، ثم سعى إلى المروة فقام [في] موضع مخصوص منها كذلك، ثم عاد في الشوط الثاني إلى الصفا كالمروة، وهكذا سبعًا، قد يكون قام ثانيًا وثالثًا ورابعًا على الموضع الأول من كلٍّ منهما أو على ما يقرب منه، ثم أُقيم بعد ذلك (١) حاجزٌ حصر الموضع الذي يُقام عليه من كلٍّ منهما في مقدار معين، وكان ذلك المقدار يتّسع للناس فيما مضى، وأصبح الآن يضيق بهم، فهل يمتنع توسيعه وقوفًا على عمل من مضى؛ وإن ضاق وضاق؟ أم ينبغي توسيعه؟ لأنّ نصّ الكتاب ورد على "الصفا والمروة" وهما أوسع من ذاك المقدار. وحَصْرُ من مضى لذاك المقدار قد يكون لمزاحمة الأبنية وكفاية ذاك المقدار للناس إذ ذاك، فلم تَدْعُ الحاجةُ حينئذٍ لتوسعته بهدم الدور.

وهكذا يأتي في المسعى، أي: الطريق الذي يقع فيه السعي، فإنه واقع بين الأبنية من الجانبين، يتّسع تارة، ويضيق أخرى، وذلك يدلُّ على أنّه لم يُحدَّدْ، ولم يجئ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا عن أحد من أصحابه ومَن بعدهم بيانٌ


(١) كتب فوقها بخط دقيق غير واضح أربع كلمات (يوم في زمنها العصور المتصل).