للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخر فكذلك لا ينقص عنه مع فقده، وأما أنه لا يُزاد عليه فلأن الولد إذا قصر كلًّا من الأبوين على السدس في حال اجتماعهما فكذلك ينبغي أن يقصر عليه أحدهما عند انفراده. وتفصيل الأحكام معروف.

وأما الجملة الثانية أعني قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} فهذه الجملة في بيان حكم الأبوين إذا اجتمعا ولا ولد، أي ولا إخوة كما بيَّنته الجملة الثالثة، وكونها في حال اجتماعها واضح، أولًا لأن الجملة مبنية على الجملة قبلها، وهي كذلك كما مرَّ. ثانيًا لقوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}، مع أنه لو ترك قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} وجُعِلت الجملة غير مبنية على ما قبلها لكانت الجملة مفيدةً بعمومها لحكم اجتماعهما.

فيقع السؤال هنا: ما الحكمة في هذا الاعتناء الشديد ببيان حال اجتماعهما؟ ومحطُّ السؤال أن يقال: ما الحكمة في زيادة قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} مع أنها لو تركت لكان ذلك معروفًا ببناء هذه الجملة على التي قبلها؟ فإن ادُّعي أنها مستقلة عن التي قبلها، قلنا: فلو تُرِكت هذه الزيادة لكانت الجملة شاملة بعمومها لحال الاجتماع أيضًا، وتزداد الفائدة بشمولها لحال انفراد أحدهما. وقد تبيَّن من مفهوم الآية وأقوال أهل العلم أن الحكم لا يختلف، فإذا كان للميت أُم وليس له أب ولا ولد ولا إخوة كان فرض الأم الثلث، فالذي يتراءى أن قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} لا تظهر لها فائدة، بل يظهر أنها نقصت الفائدة، ويستند ذلك على مذهب الجمهور القائلين أنهما إذا اجتمعا لم يكن للأم الثلث إلا في حال واحدة، وهي أن لا يكون معهما زوج ولا زوجة.