للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومع هذا كلّه فما في الشَّريعة من كراهية الإفراط في الأكل حكمٌ مستمرٌّ، لا يختصُّ بوقتٍ دون وقتٍ، والجوع الرِّياضي إنَّما يأمرون به زمن الرِّياضة، فأمَّا من فُتِح له عندهم فلا يحجرون عليه شيئًا، ولا يكاد يحجر على نفسه، وهذا أمرٌ لا [أصل له] في الشريعة ألبتَّة.

فصلٌ

ومن أركانها: السَّهَر، ويحتجُّون على إلصاقه بالدِّين بما جاء في قيام اللَّيل.

ولا يخفى على من له علم بالدِّين أنَّ قيام اللَّيل ليس المقصود من السَّهر، وإنَّما المقصود العبادة بالصَّلاة والذِّكر والدُّعاء، فلو سهر الإنسان بدون ما ذِكْرٍ لم يكن له شيءٌ من الفضل. ومع ذلك فقد وَرَدَ النَّهي عن استيعاب جميع اللَّيل بالقيام (١).

وجاء تحديد الأفضل بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أفضل القيام قيام داود، كان ينام نصف اللَّيل، ويقوم ثُلُثه، وينام سُدُسه» (٢).

واللَّيل هنا ليس المقصود به اللَّيل الطَّبيعي، وهو ما بين غروب الشَّمس وطلوعها؛ لوجهين:


(١) أخرجه البخاري (٦١٣٤)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «ألم أُخبَر أنَّك تقوم اللَّيل وتصوم النَّهار»؟ قلتُ: بلى، قال: «فلا تفعل، قُم ونَم .. » الحديث.
(٢) لم أره بهذا اللَّفظ، وقد أخرجه البخاري (١١٣١)، ومسلم (١١٥٩)، وغيرهما، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بلفظ: «أحب الصَّلاة إلى الله صلاة داود .. ».