وضبطه مطلقًا، وهو إذا وثَّقه قَبِلَ الناسُ ذلك منه، فاحتجوا بذلك الراوي مطلقًا.
الإشكال الثاني: أن الحفَّاظ يختلفون في الرجال فقد يعتمد الحافظ في توثيق الراوي على أنه وجد له متابعًا هو ثقة عنده، وقد اطلع غيره على جرح ذلك المتابع. ومَن يجيء بعده يعتمد توثيقه ولا يشعر أنه إنما وثَّقه لظنه أن المتابع له ثقة.
الإشكال الثالث: أن الحفّاظ لا يستنكرون تفرُّد الصحابي بل ولا تفرُّد التابعي بل ولا تفرُّد الراوي عن التابعين إذا روى عن تابعيّ لم تَكْثُر الرواةُ عنه. وعلى هذا فإذا وجد أحدُ الحفَّاظ لبعض أتباع التابعين حديثين قد رواهما عن بعض التابعين الذين لم يكثر الرواةُ عنهم عن بعض الصحابة، ولم يجد ذينك الحديثين من جهةٍ أخرى= فالظاهر أنه يعتمد على الشواهد المعنوية. وقد يُخطئ الحافظ في فهم الشواهد المعنوية، فقد يكون ذانك الحديثان في القدر، ويكون مذهب ذلك الحافظ على وفق معناهما، فلا يستنكرهما، وقد يكون مذهبه خطأ. وإذا وثّق ذلك الراوي قبل الناسُ توثيقه مطلقًا.
وربما كان ظاهر الحديثين على معنى منكر، ولكن الحافظ تأوّلهما على معنى صحيح فوثَّق الراوي، فيأتي مَن بعده يحتج بهما على ظاهرهما.
الإشكال الرابع ــ وهو أشدها ــ: أنه لا يلزم من معرفة الصدق في الحديث والضبط له معرفة العدالة المطلقة، وقد تقرَّر في الفقه أن المعدِّل لابدّ أن يكون ذا خبرة بمن يعدّله، وأيّ خبرةٍ للحافظ بمن مات قبله بزمان طويل؟!